تلعب المؤسسات والجمعيات الخيرية دوراً هاماً في تجسيد مبدأ التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع ، وترسيخ قيم العدالة الاجتماعية المستمدة من روح ديننا الإسلامي الحنيف ، كما تسهم إسهام فعالاً في تخفيف مشكلة الفقر الذي يتنامى في شرائح المجتمع المختلفة .
مؤسسة فجر الأمل الخيرية التنموية إحدى منظمات المجتمع المدني التي اتخذت من العمل الخيري والإنساني هدفاً نبيلاً يتعزز من خلال أنشطتها ومشاريعها الاجتماعية والخيرية ، وضعت لها أجندة خاصة ليتركز جل نشاطها الاجتماعي في المناطق الريفية النائية التي خيم عليها الفقر والحاجة وقلما تصلها المساعدات والمعونات الخيرية والإنسانية .
في هذه المساحة رأينا تسليط الضوء على هذه التجربة ومقاربتها للنجاح على ضوء الشفافية المطلقة ومبدأ الشراكة المجتمعية والتخطيط المنظم الذي يوجه مشاريعها الخيرية فكان حوارنا مع الأستاذ/ بليغ التميمي رئيس مؤسسة فجر الأمل الاجتماعية الخيرية بمحافظة تعز فكان هذا اللقاء :
ما هو تقييمكم لواقع العمل الخيري في اليمن ؟
– العمل الخيري في اليمن يخطو خطوات جيدة وجبارة في ظل واقع الفقر المؤلم الذي يرتفع خطه البياني بشكل ملفت للنظر وتزداد حاجة الناس يوماً بعد آخر .. ولعل وجود الجمعيات والمؤسسات الخيرية تسهم إسهاماً فاعلاً في تخفيف هذه المشكلة ، ومؤازرة الدولة في الجانب الخيري الإنساني والذي يعد عملاً نبيلاً وجهداً كبيراً تشكر عليه تلك المؤسسات والجمعيات الخيرية والقائمين عليها ، وإذا أردنا أن نقيم العمل الخيري في اليمن فهو يقع في خانة الجيد .
* ما مدى تضافر الجهد الرسمي مع الجهد الشعبي في إطار أنشطة مؤسستكم ؟
– هناك جهودٌ رسمية متمثلة في تفاعل الجهات الرسمية وحضورها فعالياتنا ومباركة هذه الأنشطة المختلفة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وقيادات السلطة المحلية بالمحافظة ، والتعاون قائم بين مؤسسات المجتمع المدني والجهات الرسمية في مراحل جيدة ونتمنى أن تتطور وتنمو أكثر .
* هل هناك تشبيك وتنسيق مع منظمات وجمعيات مماثلة في الداخل والخارج لصالح العمل الخيري ، وما هي ثماره ؟
– نحن نعتمد في عملنا الخيري على مبدأ الشراكة ونعزز هذا المبدأ سلوكاً وممارسة من خلال التواصل الدائم والمستمر وعلاقتنا الطيبة مع عدد من المؤسسات والجمعيات ومنظمات محلية وخارجية ، ومع جهات رسمية وشركات تجارية في الداخل ، ويتمثل مبدأ الشراكة من خلال إقامة أول لقاء موسع للجمعيات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والذي عقد في مدينة تعز في شهر مارس 2010م تحت شعار من أجل شراكة متينة واعدة بالخير والعطاء ، وقد حضر ذلك اللقاء أكثر من مائة وخمسين مشاركاً يمثلون ثمانية وخمسين جهة ، برعاية الأستاذ / علي صالح عبد الله – وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، والأخ وكيل محافظة تعز ، وكان لقاءً مثمراً ناقش المشاركون فيه قانون الشؤون الاجتماعية والعمل وتم تدريبهم حول مشروع تطبيق إدارة الجودة وخطوات الحصول على شهادة الجودة ( الإيزو) للمنظمات والجمعيات .
وقبل شهر رمضان أقيمت دورة في مجال إعداد المشاريع وفن التواصل مع الداعم ، شارك فيها أكثر من عشر جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني على مستوى المحافظة .
* وماذا عن مشاريعكم الرمضانية التي نفذتها المؤسسة لهذا العام ؟
ـ المشاريع الرمضانية التي نفذتها المؤسسة تبلغ تكلفتها قرابة 30 مليون ريالاً وهى مشاريع اجتماعية تشمل توزيع التمور بتكلفة سبعة مليون ريالاً ، والطرود الرمضانية بتكلفة خمسة ملايين ريالاً، والإفطار الجماعي بتكلفة مليون وخمسمائة ألف ريالاً ، والصدقات والزكوات النقدية وإعانة المنكوبين والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة بتكلفة خمسة ملايين ريالاً ، وتوزيع كسوة العيد بتكلفة ثلاثة ملايين ريالاً ، بالإضافة إلي المشاريع الدعوية والتي تشمل : إحياء قرى بالأئمة والدعاة يؤمون الناس ويقومون بواجب الوعظ والتذكير ، وتوزيع المصحف الشريف على المساجد وبعض الجهات كمدارس التحفيظ والسجون ، وتوزيع المجلات الحائطية ، والمنشورات الرمضانية , وإقامة المسابقات القرآنية الرمضانية وإحياء بعض الأسمار في المناطق والقرى ، حيث بلغ عدد المستفيدين من المشاريع الرمضانية سيتجاوز ثلاثين ألف مستفيد معظمهم من مناطق ريفية شديدة الفقر والحاجة .
كما قامت المؤسسة بتوزيع (71 براد مياه) على عدد من مساجد مديريات تعز بدعم من مؤسسة مكة حيث تم توزيعها على 69 مسجداً ” في مديريات المخاء و خدير و التعزية والمعاقر المسراخ و الشمايتين ” بتكلفة تتجاوز السبعة ملايين ريالاً.
* يلاحظ أن نشاط مؤسستكم يتركز على المناطق الريفية .. ما هي فلسفتكم في هذا الجانب ؟
– لا شك أن ميدان العمل الخيري واسع وكبير وإن جهود كثير من الجمعيات الخيرية يكون جل نشاطها في المناطق الحضرية وعملها الخيري يتركز أكثر في المدن ، وقلما نجد جمعيات ومنظمات ومؤسسات خيرية تهتم بالريف وتوليه الرعاية والاهتمام وتضعه في أولويات أجندتها الخيرية ، لذا وضعنا لأنفسنا في مؤسسة فجر الأمل أجندة خاصة وبرنامجاً مغايراً هو الاهتمام بالمناطق النائية أولاً كونها مناطق محرومة ، وقد لا تصل إليها يد المساعدات والمعونات الخيرية ، فمؤسستنا تؤدي دورها الإنساني والخيري بخطوات متميزة وجهود جبارة ، ومشاريع عملاقة تخدم الفقراء والمحتاجين .
*يقول المثل الصيني ( لا تعطني سمكة كل يوم ولكن علمني كيف أصطاد ) إلى أي مدى استطاعت مؤسستكم مقاربة ذلك المفهوم في أنشطتها الخيرية ؟
– أعتقد أن هناك ضعف لدى بعض المؤسسات والجمعيات في استيعاب ذلك المفهوم وفي تطبيقه ، وفي هذا السياق نحن بدأنا بتنفيذ دورات للأيتام وأمهات الأيتام والأسر الفقيرة من خلال تعليمهن حرف ومهارات مدرة للدخل من خلال افتتاح ( مركز إبداع للتدريب والتنمية ) كمشروع تدريبي وتنموي تابع للمؤسسة والذي يهتم بعملية التنمية والتدريب وتأهيل الشباب والأيتام وتنمية القدرات على حرف مدرة للدخل حيث يوجد في المركز عدد من المناشط كمعمل الخياطة ومعمل الكوافير لتدريب النساء على مهنة الخياطة والكوافير وجميعها تؤدي دورها بالقدر المتاح حيث تخرج من المركز عدد من الأخوات اللواتي استطعن إتقان المهنة واكتساب الرزق من خلالها لإعالة أسرهن .. ونحن نركز بشكل أساسي على هذا الجانب وإن شاء الله في المستقبل سيكون هناك أكثر من مركز لتأهيل النساء وأمهات الأيتام وتدريب الشباب والأيتام على مهن حرفية يكتسبون منها ، كما سيستقبل المركز خلال الأيام القادمة معمل حاسوب ومعمل خياطة كتبرع من فاعل خير .
* بنظركم ما هي أهم الصعوبات التي تعترض مسار الجمعيات الخيرية بشكل عام ومؤسسة فجر الأمل بوجهٍ خاص ؟
ـ لا شك أن هناك صعوبات تقف أمام العمل الخيري داخلية وخارجية ، فالصعوبات الخارجية للجمعيات هو اتساع رقعة الفقر في بنية المجتمع وقلة الدعم وشحه الإمكانيات وضعف التمويل ، أما عن الصعوبات الداخلية فتتمثل في ضعف كفاءة العاملين في المنظمات والمؤسسات الخيرية ، كون العنصر البشري هو عنصر التنمية وحجر الزاوية وعنصر الانطلاق وإن ركزنا عليه بالتأهيل والتدريب والارتقاء بكفاءاته وقدراته فإن دور المنظمات والمؤسسات والمؤسسات سيرتقي ويسير أداءها بشكل أفضل وأجمل .
بالإضافة إلى عنصر آخر هو ضعف الشفافية لدى بعض الجمعيات والمنظمات فالأصل في العمل الخيري هو الشفافية المطلقة كونه عملا مفتوحا وواضحا وينبغي نشر تقاريره على صفحات الصحف الرسمية والحزبية والأهلية ، وعلى المواقع الالكترونية فليس هناك ما يدعو إلى التستر والكتمان على تلك الأنشطة والتقارير.
* تحدثتم عن الشفافية في العمل الخيري .. بشفافية مطلقة ، هلا أطلعتم القارئ على فحوى التقرير الختامي والخاص بمؤسستكم للعام المنصرم ؟
ـ أجيبك بمنتهى الشفافية التي أنادي بها وأنشدها أيضا في العمل المؤسسي ونسلكها في مؤسستنا الرائدة فقد اشتمل التقرير الختامي السنوي على الأنشطة والفعاليات التي نفذتها فجر الأمل في محافظة تعز وفقاً لبرامجها وخططها للعام المنصرم 2009م والتي قدرت تلك المشاريع بتكلفة إجمالية قدرها 64.359.300 ريال ، موزعة على مجالات الرعاية الاجتماعية والصحية والمشاريع التعليمية والاجتماعية والتنموية في المحافظة ، وهذا التقرير منشور على الموقع الالكتروني للمؤسسة ، وفي هذا الشهر الكريم استفاد من أنشطتنا الخيرية ثلاثين ألف مستفيد بمبلغ إجمالي ثلاثين مليون ريال .
* كلمة أخيرة تودون قولها في ختام هذا اللقاء ؟
– أتوجه من خلالكم بجزيل الشكر والتقدير لقيادة السلطة المحلية بالمحافظة ممثلاً بالأستاذ / حمود خالد الصوفي – محافظ المحافظة رئيس المجلس المحلي ، وللإخوة في قيادة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ، وللأخ علي صالح عبد الله – وكيل الوزارة والأستاذ أحمد عبد الرحمن العليمي مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة لتفاعلهم المبدع والخلاق مع أنشطة المؤسسة ، ولذوي الأيادي البيضاء الإخوة في مؤسسة مكة الخيرية والندوة العالمية للشباب ، والهيئة الخيرية العالمية في الكويت ومؤسسة البادية بحضرموت .
كما أتقدم بجزيل الشكر والثناء لجميع الداعمين ورجال المال والأعمال الذين دعموا المشاريع الخيرية للمؤسسة فالإنجازات الكبيرة جديرة بالبقاء .